اختيار إدارة معرض الكتاب، وعلى رأسهم د. أحمد مجاهد، لعميد الأدب العربى د. طه حسين كشخصية هذا العام هو اختيار موفق ومناسب جداً لهذه المرحلة التى نعيشها والتى نحتاج فيها أن نقرأ لعميد التنوير وعنه، وأهم من القراءة أن نستوعب ماذا أحدث طه حسين فى مسار الثقافة المصرية من صدمات وتجديد وتمرد على المألوف وقراءة جديدة للتراث والتاريخ الإسلامى، هناك قائمة بعشرين كتاباً أعلنت عنها إدارة المعرض كل عناوينها مهمة وهى «جنة الشوك، صوت باريس، من أدبنا المعاصر، من الأدب التمثيلى اليونانى، جنة الحيوان، رحلة الربيع والصيف، قادة الفكر، خصام ونقد، أوديب ثيسيوس، تقليد وتجديد، نقد وإصلاح، من أدب التمثيل الغربى، مرآة الضمير الحديث، أحاديث، كلمات، بين بين، خواطر، من لغو الصيف إلى جد الشتاء، من لغو الصيف، من بعيد»، جميع هذه الكتب تستحق القراءة والتأمل، ولكنى لم أقرأ من بينها كتابه عن الشعر الجاهلى وكتابيه عن الفتنة الكبرى، وهى ما أحتاجه فعلاً كمجتمع من طه حسين فى تلك الفترة وما يحتاج شبابنا أن يقرأه وما يحتاج العقل المصرى أن يتفاعل معه ويشكل وعيه النقدى من خلاله. هذه الكتب هى التى مثلت علامة فارقة فى تاريخه الأدبى وتاريخنا الثقافى، فكتابه عن الشعر الجاهلى مثّل مع كتاب على عبدالرازق عن «الإسلام وأصول الحكم» تحريكاً للمياه الراكدة وتغريداً خارج السرب وحجر أساس لتغيير ثقافى وفكرى جذرى، كتابه كان بركاناً وعاصفة كانت ستنتهى بسجن طه حسين نفسه لولا سعة أفق وكيل النائب العام محمد نور وتفتحه الذى جعل طه حسين يفلت من سحل وشنق مجتمع ضيق الأفق مغسول الدماغ، خرج الرجعيون بسبب هذا الكتاب يطالبون برأس طه حسين وأطاح بأحلامهم الفاشية الدموية شاب فى سلك القضاء آمن بالحرية، كنت أتمنى أن يصدر هذا الكتاب ومعه نص التحقيق الذى أجراه وكيل النيابة مع طه حسين لكى يتعلم منه المجتمع قيمة حرية الفكر والإبداع، أما كتاب الفتنة الكبرى، بجزأيه عثمان وعلى، فهو تعليم وتدريب على قراءة التاريخ الإسلامى بعين ناقدة لا مستسلمة وعقل ناقد لا مذعن، كيف أثرت الثروة على الصحابة وأدت إلى الثورة وخلقت الفتنة وصنعت التناحر والخلاف. الكتاب طرح أسئلة محورية لا بد من إعادة طرحها بقوة هذه الأيام مثل: هل ورع الحاكم وتقواه كافيان لنجاح حكمه أم أن الفساد من الممكن أن يتسلل ويتمكن برغم هذه التقوى وهذا الورع؟ كيف تُصنع الفتنة بأيدى من يتصورون أنفسهم محتكرى الدين وهم خوارج عنه؟ كيف أن المصالح هى أساس الفتنة وشرارتها حتى بين من كانوا قريبين من زمن النبوة؟!   كنت أتمنى أن تصدر هذه الكتب فى المعرض بسعر زهيد وفى إطار الاحتفال بهذا العملاق الذى أنار حياتنا ومنحنا البصيرة برغم كف بصره، وأتمنى أن يكون المانع خيراً وليس المانع إخواناً.